في 15 سبتمبر، تحركت السلطات المغربية بسرعة لإحباط خطة هجرة جماعية مثيرة من مدينة الفنيدق إلى سبتة المحتلة، حيث كان مئات الشبان يستعدون للسباحة عبر البحر في واحدة من أكثر العمليات الجريئة التي شهدتها المنطقة. الدعوات لهذه الهجرة انتشرت بسرعة البرق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما جعل السلطات في حالة استنفار أمني قصوى على طول السواحل المحاذية لسبتة.
بينما كان الشباب يخططون للسباحة تحت غطاء الضباب المعتاد الذي يغطي شواطئ الفنيدق، كانت السلطات قد عززت انتشارها عبر وحدات أمنية متخصصة، في محاولة لمنع تكرار السيناريو الذي شهدته المنطقة في أغسطس الماضي، حيث نجح مئات في الوصول إلى سبتة باستخدام أدوات بسيطة. تحولت الشواطئ إلى ساحة مواجهة غير معلنة بين الشباب الطامحين لحياة أفضل والسلطات التي تسعى لمنع مزيد من التدفق غير النظامي.
في تطور سريع، تمكنت الشرطة القضائية في مدينة تطوان بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني من توقيف شاب يبلغ من العمر 20 عامًا، كان قد نشر فيديو على الإنترنت يدعو فيه إلى تنظيم الهجرة الجماعية. هذا الشاب لم يكن مجرد مهاجر محتمل، بل تحول إلى “قائد التحريض” الإلكتروني، ما أثار استجابة سريعة من السلطات التي نجحت في تعقبه واعتقاله، بينما تستمر الأبحاث لتوقيف باقي المشاركين.
ليست هذه المحاولة الأولى، ولا يبدو أنها ستكون الأخيرة. ففي أغسطس وحده، تمكن 312 شخصًا من عبور البحر والوصول إلى سبتة سباحةً. في حين سجلت السلطات خمس حالات وفاة بين المهاجرين. هذه الأرقام لا تعكس فقط حجم الأزمة، بل تسلط الضوء على الضغط الهائل الذي تواجهه المنطقة الحدودية، حيث تكافح السلطات المحلية لتجنب انهيار كامل أمام موجات الهجرة غير الشرعية.
تتفاقم الأزمة في الفنيدق منذ إغلاق الحدود مع سبتة عام 2020، ما أدى إلى ركود اقتصادي حاد، تاركًا سكان المدينة أمام خيارات صعبة. ولجأت السلطات إلى إغلاق بعض الشواطئ للحد من استخدامها كنقاط انطلاق للمهاجرين، لكن ذلك لم يخفف من التوتر. في ظل هذا الواقع القاتم، يبدو أن محاولات الهجرة غير النظامية لن تتوقف قريبًا، لتبقى السواحل الحدودية شاهدة على فصل جديد من الصراع بين الطموحات اليائسة والإجراءات الأمنية الصارمة.
مع كل محاولة جديدة للهجرة، يتساءل المراقبون: إلى متى يمكن للسلطات أن تحافظ على هذا التوازن الهش؟ وهل سيأتي يوم تتحول فيه شواطئ الفنيدق من ساحة هروب إلى منطقة أمل وفرص؟